احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

بَقَايَا امْرَأَة ,, بحسرتي :) { إهداء إلى طفولتنا }


 

لا أتحمل .. لا يمكن أن أستمر هكذا ,, ما الحل ؟ أنتحر ؟ أهرب ؟ أكاد أجن ولا أحد يسمعني، صراخي لا يُسمع وغصتي دفينة لا ترى، ودموعي بحجم الجبال وأكبر لكن لا أحد يهتم بها،

أشلاء تمشي على قدمين وشظايا منتشرة بكل مكان، صفعة مصورة على الأوجه ووصمة عار طُبعت على الجبين .. هذه أنا ويا ليتني كنتُ شخصا آخر

كنتُ ذات الأربع سنين عندما قرر وحش أنني عشتُ ما يكفيني، قرر فنفذ وتلذذ فحكم علي بالوأد ..

كانت ليلة جميلة مزينة باللآلئ ومعطرة بنسيم هواء منعش يفتح النّفَس، ضحكات الجميع تصدح في الأجواء احتفاءً بعيد ميلادي الرابع، أربع سنوات من الطفولة، أربع سنوات من الابتسامة، أربع سنوات من التحرر، أربع سنوات من الطفولة .. فهل كانت كافية ؟

غيري عاش عشرات السنين ويتذمر يوميا من عدم قدرته على مسايرة الحياة .. أنا عشتُ أربع سنوات فقط،

أربع سنون يا بشر فهل تكفيني ؟

أصبتُ بآلام خفيفة بسبب قطعة الكعك، لكنني عرفتُ بأنني غير قادرة على تحمل أبسط الآلام لذا تركتني والدتي نائمة وقررت الخروج مع والدي وباقي أفراد العائلة للتجول قليلا،

فالجو ليلتها كان لا يُعوض، استغللتُ الفرصة وقررتٌ اللعب بدميتي المفضلة، كم كنتُ أحب لعب دور الأم وكم كنت أستمتع بذلك ..

بعد لحظات سمعتُ دقات خفيفة على الباب، ظننتُها والدتي فقفزت من مكاني لأفتح الباب .. لم أكن أدري أنني سأعيش قصة ذات الرداء الأحمر والذئب لكن بأدوار عصرية ..

قصة الطفلة والوحش ..

رمقني بنظرات مخيفة عند فتحي الباب، أنذرتني حاستي السادسة بالخطر لكن سرعان ما انقلب إلى حمل وديع، سألني عن والدتي، أخبرته أنها في الخارج هي وأبي وباقي الأسرة،

ابتسم كلِص عثر على فريسته وعرض علي اللعب ريثما تعود والدتي،

بسذاجة مثالية وافقت، ما أحوجني ذلك الوقت إلى شخص يلاعبني، لم أعِ أنه ينوي اللعب بي ..

بعيون حمراء ولعاب يسيل واجهني وبجسد هزيل يرتجف وصرخات كتَمَها نويتُ الدفاع عن أناي .. لكن أتنفع حجرة في مواجهة جبل ؟

انسحب بهدوء بعد أن أكمل مسرحيته، صرخت، بكيت، ارتفعت شهقاتي ولا شيء نفعني، لم أفهم ما حدث، كل ما عرفتُه أن سرق شيئا مني، أنه اقترب من حدودي بل وانتهك جميع الخطوط الحمراء

دائما ما أخبرتني أمي أن جسدي خط أحمر، لم أفهم قصدها إلى أن انتهكه ذلك الوحش

غبتُ عن الوعي لكثرة ما صرختُ، فتحتُ عيني في المستشفى محاطة بأهلي،

أمي تبكي بحرقة ووالدي لا تزال آثار الدموع مرتسمة على خده، جدتي ترتعش وأخي الأكبر يشد قبضته ويحضن أمي بقوة،

لم أفهم ما حدث لكنني كنتُ خائفة جدا، حاولوا الحديث معي، سألوني عن الشخص الذي زارني في غيابهم، ما إن ذكّروني حتى صرختُ وغبتُ عن الوعي مرة أخرى

استمرت حالتي تلك زمنا طويلا، انطويتُ عن الآخرين، بتّ أشعر أنني مجرد بقايا، أنني لا شيء ..

لم أكن أتحدث، ظنوا أنني فقدتُ صوتي من الصدمة لكن الحروف أضحت تأبى الخروج على شكل مقاطع صوتية .. وما زلتُ لا أفهم ما حدث سوى أنني لم أعد أنا !

لم أدخل إلى المدرسة ولم أكسب أصدقاء جدد .. لأنني أصبحتُ أخشى البقاء وحيدة

كلمات كثيرة لا أجيد نطقها، هذا إن قررتُ الخروج من عزلتي والتحدث إلى أخي قليلا، أما والداي فكلما لمحاني تتسلل دمعة إلى محياهما لذا أصبحتُ أفضل الجلوس في غرفتي كي لا أتسبب في بكائهما

مرت السنوات، الآن أنا في العشرينيات، لم يتقدم أحد إلى خطبتي، ولا أفكر أبدا بأن أقترب من جنس آدم،

فكرتُ في العلاج النفسي لعلي أخرج من قوقعتي وأعيش الحياة،

ما إن خطوتُ خارج حصني، تراءت لي الأعين الحمراء أينما وليتُ بصري، الكل يلاحقني، والأيادي ترغب بالإمساك بي،

ركضتُ كالمجنونة في الشارع، لجأتُ لأول عيادة في الطريق، دخلتُ كتائهة تبحث عن ملاذ فوجدته لدى أنثى، كانت تجيد الاستماع، وتجيد استفزاز الحرف ليخرج فارا من من فيهي،

ارتخت أعصابي وتلاشت الأعين الحمراء ..

أشهر عديدة وأنا أخرج وأقصد العيادة، لم أعد أر تلك الأعين وآمنتُ بأنني أستطيع التغيير، تحولتُ من بقايا امرأة إلى امرأة تستحق العيش

ذات مساء ممطر، قررتُ الخروج، سأعيش .. سأتناسى ذلك الوحش، لا يعقل أن أهدم حياتي من أجل شبه إنسان ..

كنتُ أحمل كتابا أقرأه وأنا في الحافلة، المكان بجواري فارغا، أحسستُ بملمس ذراع .. رفعتُ رأسي فإذا بشاب يجلس بجانبي، لاحظ نظراتي فابتسم، خيل إلي أنه لص عثر على فريسته ..

ارتفعت دقات قلبي وتساقط العرق كحبات مطر اختارت جبيني سماءً لها، حملتُ حقيبتي وركضتُ فور توقف الحافلة خوفا من نظرته، ملمس ذراعه وابتسامته !

حينها فقط أدركتُ أنني لن أشفى أبدا ... !

على الهامش: هناك حقائق لن تُمحى أبدا، لن تُغير ولن تُزيف ..

كأن نفضل مصالح بلد على حياة طفل =)

لكم الله فهو الذي لا ينسى أحدا

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق